Sport.Ta4a.Us المكتبة الرياضية > مقالات رياضية > أهم الحقوق الأساسية للإنسان


أهم الحقوق الأساسية للإنسان


3 أكتوبر 2022. الكاتب : Tamer El-Dawoody

أهم الحقوق الأساسية للإنسان

درج الفقه علي تقسيم الحقوق إلي عدة تقسيمات علي النحو سالف الذكر في الفصل الأول وسوف ننهج هذا الفصل التقسيم إلي حقوق مدنية وسياسية ثم حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية وذلك في مبحثين اثنين علي النحو الآتي :-

 

المبحث الأول

الحقوق المدنية والسياسية

أولاً الحق في الحياة :-

وقعت أول جريمة في الحياة ضد الحق في الحياة عندما قتل ابن آدم أخاه دونما ذنب جناه. كما ساد في الماضي أن هذا ليس حقاً لكل الناس إذ أن العبيد يمكن قتلهم متي شاء أسيادهم والوالد يئد ابنته متي شاءت إرادته. والضعيف يُقتل لا لشيء إلا لعدم قدرته علي رد أو صد العدوان وما من شك في أن هذا الحق هو أقدس وأسمي وأعز ما يملكه الإنسان فهو علي القمة من سائر الحقوق وهو أصل كل الحقوق لا تنازل عنه ولا تفريط فيه بل يباح إهدار حق الحياة عند دفع الصائل ضد الحق في الحياة. ولقد اهتمت كافة الشرائع السماوية بهذا الحق إذ جعلته الشريعة الإسلامية قاعدة أساسية من قواعدها فحرمت القتل دون وجه حق فقال تعالي (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)(1) وقد شددت الشريعة الإسلامية بأن جعلت العقوبة هي القتل للردع والتخويف سواء كان القتيل مسلماً أو غير مسلم فقال تعالي (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب).(2)  كما عظم الإسلام من جرم قتل النفس فجعل ذلك وكأنما هو قتل للبشرية كلها فقال تعالي (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً)(1).

 كما عاقب الآباء الذين كانوا يقتلون أولادهم خشية عدم القدرة علي الإنفاق عليهم فقال تعالي (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم)(2) وحرم وأد البنات في قوله تعالي (وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت)(3).

ولم يقف التحريم عند البنت المقتولة بعد ميلادها بل حرم الإسلام إسقاط الحمل عمداً بعد نفخ الروح فيه. وقد أوصيت الشريعة الإسلامية جزاء عنيفاً رادعاً وخطيراً في الآخرة حتي يرتدع من تسول له نفسه العدوان علي حياة الآخرين فقال تعالي (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً)(4) وأوجب الدية في القتل الخطأ وشبه العمد كما حرم الإسلام حتي الانتحار وهو قتل النفس فقال تعالي (ولا تقتلوا أنفسكم).(5)

ثم توالت الأحاديث النبوية تحرم القتل في كل الأحوال وضد كل بني آدم مطلقاً فقال عليه السلام (لو أن رجل قتل في المشرق وآخر رضي بالمغرب لأشرك في دمه) وقوله عليه السلام (من أعان علي قتل مؤمن ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله)(6) وقال عليه السلام (لزوال الدنيا عند الله أهون من قتل امرئ مسلم) وقال عليه السلام (أول ما يقضي الله فيه يوم القيامة الدماء).

أولاً - حماية الحق في الحياة في الفكر الوضعي :-

أغفلت دول كثيرة النص علي حق الحياة في دساتيرها أو قوانينها الأساسية باعتبار أنه ليس في حاجة إلي نص لأن واهب الحياة هو الخالق سبحانه ، أما حماية هذه الحق فقد حظيت بحفاوة كبيرة في ظل التشريعات الداخلية سواء كانت قوانين عقابية أو قوانين إجرائية.(1)

  أما علي النطاق الدولي 

أ- أهم النصوص في حماية الحق في الحياة :-

فقد حظي الحق في الحياة بحماية المواثيق الدولية العالمية والإقليمية إذ نصت المواد من (الثالثة إلي الحادية والعشرين) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان علي الحقوق المدنية والسياسية وعلي رأسها الحق في الحياة والحق في سلامة الجسم.(2)

وفي ذات العام أي سنة 1948 أبرمت اتفاقية تحريم إبادة الجنس البشري والعقاب علي ذلك Genocide والتي تولت حماية الإنسان في حياته وسلامته الجسدية.(3) ثم فصلت ذلك اتفاقية الحقوق والسياسية سنة 1966 حيث نصت المادة (6) منها علي أن الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان وعلي القانون أن يحمي هذا الحق ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً ولا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام أن تحكم بهذه العقوبة إلا علي أشد الجرائم خطورة ووفقاً للتشريع النافذ وقت وقوع الجريمة والغير مخالف لأحكام هذه الإتفاقية ، ومنع الإبادة الجماعية، ولا يجوز لأي دولة طرف في هذه الاتفاقية أن تتحلل من التزاماتها في منع إبادة الجنس البشري ولأي شخص حكم ضده بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال الحكم العقوبة ويجوز منح العفو العام أو الخاص في كل الحالات ولا يجوز الحكم بعقوبة الإعدام علي أشخاص ارتكبوا جرائم دون الثامنة عشر عمراً ، ولا تنفذ هذه العقوبة في النساء الحوامل ، وليس في المادة أي حكم يجوز التذرع به من أجل تأخير أو منع إلغاء عقوبة الإعدام من قبل أي دولة طرف في هذه الإتفاقية.(1)

ثم توالت عدة اتفاقيات دولية أخري أهمها اتفاقيات جنيف سنة 1949 ، والاتفاقيات الإقليمية وما كلفته أجهزتها الرقابية والقضائية من حماية لحقوق الإنسان عامة والحق في الحياة علي وجه الخصوص.

اما بالنسبة لحماية حق الإنسان في الحياة علي المستوي الوطني فإن مصر قد احاط دستورها الحالي الصادر في سنة 1971 الحق في الحياة بسياج من الضمانات يضمن إمكانية التمتع بهذا الحق وحمايته ثم توالت التشريعات الجنائية كقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية وغيرها من التشريعات الجنائية الخاصة تأكيد وترشيخ هذا الحق الذي هو أول وأعظم حقوق الإنسان ، وبالرغم من ذلك فإن العبرة ليست بالنصوص فحسب وإنما لابد من أن يكون هناك تطابق بين النص والتطبيق العلمي لأن وجود النص لا يكفي في ذاته لحماية الحق في الحياة ومن اهم الضواهر الحديثة التي تنتهك الحق في الحياة في مصر ظاهرة الاختفاء القسري التي تتعارض مع النصوص الصريحة للدستور في أن يبلغ كل من يقبض عليه أو يعتقل بأسباب القبض عليه أو اعتقاله فوراً ويكون له حق الإتصال بمن يري إبلاغه علي وجه السرعة بالتهم الموجهة إليه (مادة 71 من الدستور) كما أوجب الدستور تحريم احتجاز أي شخص في غير الأماكن المصرح بها قانوناً (مادة 57 من الدستور) كم أكد قانون العقوبات المصري الحالي علي تجريم هذه الأفعال حيث جرم احتجاز الأشخاص بدون أمر من الجهة القضائية (مادة 280 من قانون العقوبات) إلا أنه وبالرغم من من ذلك فإن ظاهرة الإختفاء القسري قد برزت في مصر علماً بأن معظم الأشخاص المختفين قد ألقي القبض عليهم بواسطة رجال مباحث أمن الدولة سواء من منازلهم أو من مقار أعمالهم (1) ومن ثم فإنه ينبغي صدور قانون يؤكد حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري تمشياً مع المبادئ والأهداف الواردة بقرار الجمعية العامة رقم 47/133 المعتمد في 18/12/1992 مع ضرورة تشديد العقوبات علي كل فعل من أفعال الاختفاء القسري أو المساهمة فيه كما أنه يجب علي النيابة العامة أن تبت في البلاغات التي تقدم لها عن حالات الاختفاء القسري علي وجه السرعة هذا بالإضافة إلي ضرورة نهوض وزارة الداخلية بدورها القانوني من حيث تمكين ذوي الشأن من الإطلاع علي المعلومات التي تخص المعتقل وسبب اعتقاله واماكن الإيداع أو الاحتجاز وإحالة الضباط الذين يثبت تورطهم في هذه الجريمة إلي النيابة العامة وعموماً مراعاة كافة قواعد معاملة السجناء المعمول بها علي المستوي الدولي ونهوض الأطباء داخل السجون المصرية بدورهم الإنساني الخطير داخل المعتقلات والسجون.

ولا شك في اهمية مواجهة هذه الجريمة التي تعضف بحقوق الإنسان ليس بالنسبة للمختفي قسرياً فحسب والتي يكون خارج الحماية القانونية إذ تشكل هذه الظاهرة له نوعاً من التعذيب البدني والنفسي إذا ظل يجهل مصيره وتتضاءل لديه فرصة وجود من يمد له يد المساعدة بعد إقصائه عن دائرة حماية القانون مما ينتهك حقوق الإنسان قبيل انتهاك الحق في الحياة ، هذا بالإضافة إلي ذويه الذين يعانون طوال مدة اختفائه من آثار نفسية تجرد الناس من صفاتهم الإنسانية وتتأرجح أحاسيسهم بين الأمل واليأس لاسيما إذا ما طالت بهم سنوات الانتظار وهو نوع من التعذيب الذهني البطيء مؤداه عدم علمهم بما إذا كان المختفي قسرياً علي قيد الحياة أم لا وكثيراً ما تتفاقم محنة الأسرة من وراء الظروف الاجتماعية والمادية والصحية التي تصاحب الاختفاء مما يحفز الهمم نحو ضرورة الاضطلاع بدور هام في القضاء علي هذه الظاهرة في مصر والتي برزت مع الظروف الأمنية الطارئة التي تمر بها البلاد.  

 

(1)  سورة الإسراء آية رقم (33).

(2)  سورة البقرة الآية رقم (179).

(1) سورة المائدة الآية رقم (32).

(2) سورة الإسراء الآية رقم (31).

(3) سورة التكوير الآيتان (8 ،9)

(4) سورة النساء الآية رقم (93).

(5) سورة النساء من الآية (29).

(6) انظر في شرح هذه الأحاديث وتخريجها وسندها فضيلة الشيخ محمود شلتوت (الإسلام عقيدة وشريعة) المرجع السابق ص 347 وما بعدها.

(1)  انظر د. محمود نجيب حسني "الاعتداء علي الحياة في القوانين الجنائية العربية" – المرجع السابق.

(2)  وقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 وقد أعدت مشروع الإعلان لجنة حقوق الإنسان التي أنشأها المجلس الاقتصادي والاجتماعي. انظر أستاذنا الدكتور عبد المعز نجم :" التنظيم الدولي" مكتبة حقوق أسيوط ص 232 وكذلك انظر نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "موسوعة الإنسان" إصدار الجمعية المصرية للإقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع "تقديم ومراجعة د. جمال العطيفي وإعداد د. محمد وفيق أبو أتله المجلد الأول سنة 1970 ص10. 

(3)  انظر في تفضيل جريمة إبادة الجنس البشري د. مني محمود مصطفي "الجريمة الدولية بين القانون الدولي والقانون الجنائي – دار النهضة العربية – القاهرة سنة 1989 ص 45 وما بعدها.

(1)  انظر "موسوعة حقوق الإنسان" المرجع السابق من ص 17 إلي 41.

(1) وقد أورد مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء في مصر تقريره في 15/8/1998 حول ظاهرة الاختفاء القسري في مصر حيث حصر الحالات الموثقة من خلال التحقيقات التي تمت بالنيابة العامة حول ظاهرة اختفاء الأشخاص محل الحصر ص 12 : 23 من التقرير. 


العودة إلى الصفحة السابقة - المكتبة الرياضية -  www.sport.ta4a.us