Sport.Ta4a.Us المكتبة الرياضية > الإدارة الرياضية والترويح > المنافع الاقتصادية من عولمة الرياضة


المنافع الاقتصادية من عولمة الرياضة


22 يناير 2017. الكاتب : Tamer El-Dawoody

المنافع الاقتصادية من عولمة الرياضة

ما تسدّده محطات البث التليفزيوني، لا سيما تلك التي تشتري حق البث المباشر للمباريات الرياضية، تحصل عليه اللجنة الأولمبية، التي تحوّلت إلى “شركة تجارية” بمعنى الكلمة، ويبدو أنها تحركت على هذا الطريق بروح العصر والعولمة السائدة فيه، فإلى ذلك الحين كانت العوامل الرياضية المحضة تلعب ولو دورًا جانبيًا في اتخاذ القرارات الكبرى في اللجنة الدولية، وكان من ذلك مثلاً إفساح المجال أمام غير المحترفين للمشاركة في الدورات الأولمبية؛ ممّا يعتبر تشجيعًا للبلدان التي لا تستطيع دعم الرياضة الجماهيرية فيها دعمًا ماليًا إلى مستوى يجعلها قادرة على الوصول إلى مستوى الإنجازات العالية، وهو ما يفسر اقتصار توزيع الميداليات على الرياضيين من بضع عشرة دولة ثرية، تحرص على دعم أصناف معينة من الرياضة، وتحرص أيضًا على استضافة الدورات الرياضية، وقد باتت مصدر أرباح كبيرة.

إن الرياضة قطاع اقتصادي مستقبلي رئيسي، يمكن أن تساهم إسهامًا كبيرًا في ازدهار البلدان الأوروبية اقتصاديًّا، كما أدرجت المفوضية الأوروبية الرياضة منذ عام 1994م في كتابها الأبيض عن “سوق الأيدي العاملة” باعتبارها مصدرًا رئيسيًّا لتوفير العمل وتحقيق النمو الاقتصادي. وليس المقصود هنا من يعمل مباشرة في القطاعات الرياضية المختلفة فحسب، بل يشمل دعم قطاعات اقتصادية أخرى، فإنفاق “مئات الملايين” في كل بلد غربي على حدة لشراء السلع والبضائع المختلفة التي تحمل رموزًا وشارات رياضية، مثل الحلقات الخمس رمزًا للدورات الرياضية، والتي تذهب نسبة مئوية معينة من عائدات البيع إلى من يملك الترخيص في استخدام تلك الرموز، بدءاً بالنوادي الرياضية الصغيرة وانتهاء باللجنة الأوليمبية الدولية.

في ألمانيا مثلا حجم إنفاق المستهلكين على شراء ما يحمل رموز رياضاتهم المحببة، يبلغ 600 مليون مارك سنويًّا، وإن أكثر من 11% من السكان يملكون سلعة ما برمز رياضي لكرة القدم على الأقل، وتغطي بعض النوادي الرياضية الشهيرة مثل نادي بافاريا لكرة القدم في ميونيخ نصف ميزانياتها من العائدات من رسوم الترخيص تلك.

ومنذ فترة لا بأس بها أصبح البلد الأنشط رياضيًّا أنشط اقتصاديًّا، حتى باتت الرياضة قناة من القنوات الرئيسية لحركة الأموال من الجنوب إلى الشمال، أي إلى البلدان التي يعيش فيها أشهر النجوم الرياضيين، فضلاً عن عائدات البلد الذي يستضيف البطولات العالمية؛ وهو ما يفسر ذلك “الصراع المرير” على اختياره كما لوحظ في اختيار ألمانيا قبل أسابيع لاستضافة البطولة العالمية لكرة القدم عام 2006م، فالعائدات أثناء البطولة أكبر حجمًا من العائدات السياحية على مدار السنة في بعض البلدان النامية المشهورة بالحركة السياحية فيها.

وعلى سبيل المثال.. عندما أقيمت البطولة الأخيرة لكرة القدم في فرنسا، كانت تونس والسعودية والمغرب وإيران تشارك بفرقها الوطنية في المباريات، وكان هذا سببًا كافيًا لعدد لا يحصى من المسابقات التي أقامتها شركات كبيرة وصغيرة في هذه البلدان الأربعة، بهدف الدعاية لنفسها بطبيعة الحال، ولكن كانت الجائزة الأولى في كلّ مسابقة، عبارة عن رحلة جوية إلى فرنسا لحضور المباريات العالمية.. وليس هذا إلا مثالاً واحدًا من بين عشرات الأمثلة على الخلفية المالية الكامنة وراء أشهر اللعب الرياضية وأكثرها شعبية في مختلف أنحاء العالم، وإشارة عابرة أيضًا إلى تلك الأرقام القياسية التي تسجلها البلدان المضيفة من حيث حجم العائدات، وقد بلغت في أطلانطا في الدورة الأوليمبية الماضية أكثر من مليار دولار، أي ما يعادل خمسة أضعاف عائدات الدورة الأوليمبية السابقة على الأرض الأمريكية نفسها، في لوس أنجلوس عام 1984م.

لقد أصبح المقياس الحقيقي لشهرة البطولات الرياضية العالمية، مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بضخامة المردود المالي على القائمين عليها والمستفيدين منها، وهي بطولات الدورة الأوليمبية كلّ أربع سنوات، وسباق السيارات في فرنسا كلّ عام، وكرة القدم العالمية كل سنتين، واستطاع منظمو هذه البطولات غزو العالم بأسره بمخططاتهم المالية، وليس بمبارياتهم الرياضية فقط،-: “إن الألعاب الرياضية العالمية تمثّل صورة مبكّرة لظاهرة العولمة”.. لا يغفل على الأرجح عن هذا الجانب الاقتصادي والمالي، وإن كانت “عولمة الرياضة” ذات أبعاد أخرى بعيدة الأهمية أيضًاً


العودة إلى الصفحة السابقة - المكتبة الرياضية -  www.sport.ta4a.us