Sport.Ta4a.Us المكتبة الرياضية > علم النفس الرياضى > الاستعداد التعبوى والأعداد النفسى والإرادى


الاستعداد التعبوى والأعداد النفسى والإرادى


3 مارس 2017. الكاتب : Tamer El-Dawoody

الاستعداد التعبوي والأعداد النفسي والإرادي

العامل النفسي أداة الفوز وتحقيق الانجاز الرياضي العالي لمعظم الأبطال الدوليين ، إذ أنهم يتقاربون دائما في المستوى البدني والمهاري والخططي . وتعد اللياقة النفسية مفتاح النصر النهائي لتحقيق البطولة الرياضية فضلا عن اللياقة البدنية والكفاءة المهارية والتخطيطية العالية ويجب علينا النظرة الى هذه العمليات الأربع على انها مكونات مترابطة لعملية واحدة هي عملية التدريب الرياضي ، التي يصل الرباع عن طريق الارتقاء بها الى المستويات الرياضية العالمية ، والتي يحكمها عاملان أساسيان هما:

- القابلية لإعطاء الناتج (العامل النفسي)

- طاقة العمل الجسماني والقدرة على تحقيق الناتج (العامل البدني)

ان من ضمن الصلاحيات التي يفرضها الاستعداد للإنتاج هو العمل على تجميع كل القوى المشتركة في العمل وإطلاقها على هيئة نشاط ، فنشاط الفرد يصدر عنه كله كونه وحدة نفس_جسمية متكاملة . لذا أصبح من الواجب توفير مختلف أنواع التدريب النفسي ، حتى يتمكن من مساعدة اللاعب على تحقيق أقصى قدر من الكفاءة في الأداء وأصبح تحليل الصفات البدنية والنفسية للرباعين وكيفية تطويرها أهم متطلبات الخطة التدريبية.

من هنا أتجه المدربون الرياضيون الى العلوم السلوكية بغية الحصول على . المفاهيم والتفسيرات والمبادئ والقواعد التي تساعد على رفع مستوى أداء لاعبيهم حتى تحقيق لهم الغلبة ، وينعقد لهم لواء الفوز ،اذ تلعب السمات الخلقية والإرادية دورا هاما في الارتقاء بمستوى قدرات الفرد واستعداداته ، وقد أثبتت البحوث والشواهد المتعددة أن اللاعبين الذين يفتقرون الى السمات الإرادية يظهرون بمستوى يقل عن مستوى قدراتهم الحقيقية ، كما يسجلون نتائج اقل من المستوى المتوقع على الرغم من حسن إعدادهم في النواحي البدنية المهارية والخططية ، وتتمثل الإرادة في قدرة الفرد على التغلب على المقاومات الداخلية أو الخارجية التي تعترض سبيل اللاعب في أثناء محاولة تحقيق هدف معين.

وأتفق العلماء على أن شخصية البطل الرياضي هي الشخصية ذات الأداء الانسيابي والاستقرار الانفعالي ، ويبدو واضحا وجليا ااذا نظرنا الى الدورات الأولمبية وبطولات العالم والمباريات النهائية ومختلف البطولات الأخرى على هذا المستوى أن كثيرا من اللاعبين المتنافسين يتساوون في مقدرتهم الرياضية وكفاءتهم العالمية ولكنهم يختلفون اختلافا بينا في أنماطهم المزاجية ومدى استقرارهم الانفعالي في حالة ما قبل البداية في المنافسات , ويظل النصر حليف الرياضي ذي الانفعال الجيد ، اذ أن قدرا كبيرا من التوتر النفسي يكون محصلا قبل الأداء وقد يكون مساعدا على الأداء وأن هذا الموقف النفسي للفرد ومقدرته على تركيز الانتباه في الواقع من الأمور التي يليها ظهور القوة عند أعلى مستوى لها . لذا عد الانتباه واحدا من أهم المشكلات المتعلقة بمستوى الإعداد النفسي لدى الإنسان ، وقياس هذا العنصر لدى الرياضيين يعطي مؤثرا حقيقيا عن التغيرات التي تطرأ في هذه اللحظة على النشاط النفسي للاعب وقد دلت ملاحظات الباحثين المستمرة للرياضيين خلال المنافسات الكبيرة أو قبلها أو بعدها أو خلالها على أن نجاح هؤلاء الرياضيين يتوقف على عنصر الانتباه.

ويؤكد علماء النفس أهمية تركيز الانتباه كونه قمة الاستعداد التعبوي في التدريب والمنافسات فنظرا الى ذلك يجب مراعاة تعويد الفرد الرياضي على تركيز انتباهه ، وذلك في غضون عملية التدريب حتى يمكن العمل على تنمية وتطوير القدرة على تحمل تركيز الانتباه في غضون المنافسات ، ومن المعروف في ضوء الخبرات المكتسبة أن ارتفاع درجة الإتقان للمهارات الحركية لا يرتبط فقط بمؤهلات التدريب ، بل يرتبط أيضا بقدرة الفرد على تركيز الانتباه والقدرة على الاسهام الواعي للفرد في التحكم في مهاراته الحركية.

ان سرعة الأداء الرياضي يتطلب سرعة الاستنتاجات للمعلومات وخاصة تحويل نتائج المراقبة والملاحظة بما ينسجم ووضعية المنافسة ، ان القلة في احتياج الوقت والسرعة العالية والاقتصاد في زمن الإعادة والعمليات الفكرية أمور أساس في متطلبات رياضة المستويات العالية ، فالملاحظات والمواقف وموجودات المعلومات ... الخ تلعب دورها في المنافسات فقط عندما يكون الرياضي قد تعلم الانسجام مع التغيرات المتنوعة للمنافسات باستعماله مواد التفكير بأقل وقت ممكن وبأقصى سرعة ، ان استخدام العناصر المذكورة السابقة للقابلية العقلية من لدن الرياضي في المنافسات وفي تعيين الفوز يتطلب بشكل ضروري من الرياضي الانتباه المركز في حل الواجبات الرياضية سواء أكان في التمرين أم المنافسة.

وعلى هذا الأساس أصبح الانتباه المركز جزءا لا يمكن الاستغناء عنه في التدريب لذا يجب تركيز انتباه الرياضي دائما بوساطة البيانات الدقيقة والتحديد المستمر للهدف والشرح الواضح من اجل حل الواجبات معينة ، كما يجب تعبئة الانتباه المركز بالإيعازات ومواقف معينة باستمرار لكي يحصل على تقدم وثبات وعند تقويم المنافسات لابد من توضيح أسباب قلة تركيز الانتباه خلال المباراة.

ان مراحل التمرين تؤدي الى التخلص من منابع التأثير السلبي على الانتباه المركز ، و بالوقت نفسه لابد من تأكيد تعوّد (تكيّف) الرياضي على التأثيرات السلبية على قابلية التركيز الملائمة للعبة.

ان الأساس السيكولوجي للتركيز هو بلوغ عمليات الإثارة أو التحفيز ذروتها في أجزاء العقل الواعي المتصلة بنشاط ما مع عوامل قوية مهدئة في أجزاء أخرى من العقل . وليس معنى تركيز الانتباه أن الإنسان دائم التغيير سريع . ولكنه في حالة تركيزه ينتقل في دائرة محدودة مترابطة العناصر. ويكاد يكون مستحيلا رفع ثقل _ وخاصة الإثقال الكبيرة – ما لم يتمكن المرء من تركيز انتباه تركيزا تاما على العمل الذي يوشك الإقدام عليه ، لذا يوصي علماء التدريب بأن يمارس الرباع مجموعة الألعاب الرياضية لتنمية وتطوير القابلية البدنية مثل الكرة الطائرة ، والتزحلق على الجليد من الاماكن المرتفعة لتطوير قابلية التركيز الذهني.

أنماط التكيف المصاحبة للاستعداد التعبوي والانتباه:

أذا حللنا الفرد وأنماط تكيفه المصاحبة للانتباه أمكن القول أنه يتأثر خلال حياته بمجموعة من المؤثرات أو المنبهات التي تجذب انتباهه إليها، ولكي تزداد هذه المؤثرات وضوحا ودقة فان الفرد يضطر للتكيف مع هذه المؤثرات لكي ينتبه إليها:

وتختلف أنواع التكيفات المصاحبة للإنتباه باختلاف المؤثر الذي يسترعي انتباه الفرد كذلك حسب شدته ووضوحه واستدامته . وتقسم أنواع التكيف المصاحبة للانتباه الى :

المبحث الأول : التكيفات الفسيولوجية التي تصاحب الاستعداد التعبوي :

:1- التكيف الحسي

تظهر التكيفات الحسية المصاحبة للانتباه بوضوح على الفرد عند ملاحظته لمنبه أو مثير وذلك في سبيل مؤلفه الشيء الخارجي ومطابقته . ويمكننا ملاحظة التكيفات الحسية الظاهرة في الانتباه ، فالرأس والعينان تتجهان نحو الشيء الذي ننتبه إليه ، فحدقة العين تتسع عندما تتأثر بمؤثر بصري ذي درجة استثارة عالية.

ان الانتباه الحسي مثلا ، يقتضي مطالبة العينين والآذنين للشيء الخارجي فالعين تغير تحدب عدستها لتحصل على تأثير واضح واشد وتقلص عضلاتها ، لتجعل المحورين البصريين متلاقيتين في ذلك الشيء .

2- التكيف الوضعي

هو أن يتخذ الجسم وضعا أو موقعا حركيا لاستقبال منبه ، أو هو الهيئة التي يكون عليها الجسم لاستقبال منبه توقع حدوثه أو وقوعه والإنسان في أثناء سيره أو تحريك رأسه لمتابعة حدوث ما ، أن يوقف حركاته أو يسكنها ، إن الجسد قد يترجم عن انتباه صاحبه بوقف حركاته وتسكينها ،لان للأوضاع الجسدية شأنا عظيما في الانتباه . اذ ينطوي الانتباه المركز عادة على وضع جسمي خاص ،فأعضاء الحس تتهيأ وتتكيف لإدراك حسي أوضح ، ويتزايد التوتر العضلي ، خاصة حول الرقبة والكتفين وتنقطع الحركات الجسمية الصغيرة ويصبح التنفس أضحل وأسرع ، ويميل الفرد إذا كان جالسا الى الانحناء نحو الإمام . وإذا ما استثير الانتباه بقوة فان هذا الوضع يتخذ بصورة لا شعورية ، وعندما نجد التركيز صعبا فربما يكون من الأنفع أحيانا أن نحتفظ بالجسم في وضعه الإنتباهي عن قصد.

قال جان جاك روسو :إني لا استطيع التأمل إلا إذا مشيت فإذا وقفت أفكاري ، فان رأسي لا يسير الا مع رجلي . فيعلل ريبو ذلك بقوله : أن هذه الحركات ضرورية لإيقاض الفاعلية الدماغية ، وزيادة جريان الأفكار.

3- التكيفات العضلي (التوتر العضلي):

ان الاستعداد التعبوي مصحوب بكثير من الظواهر الحركية ، مثل تقلص العضلات أو تمددها ، أو توقف حركتها ، وتبدل حركات الوجه والحواس في سبيل مؤالفة الشيء الخارجي ومطابقته . ان التوتر العضلي يحدث في حالات التكيف الوضعي حين يبذل الفرد مجهودا لزيادة الانتباه الاستعداد التعبوي والانتباه.

كذلك تكون زيادة الانتباه بفرض الجهود المبذولة لصرفه عن الموضوع الذي ينتبه إليه ونكون هذه العملية التعويضية مصحوبة بزيادة في المطابقة للتعويض عن التشتت الناتج . ويحدث التوتر العضلي عند التكيف الحسي ، فالعين تغير تحدب عدستها لتحصل على تأثير أوضح وأشد ، وتقلص العضلات لتجعل محوري البصر متلاقيين في الشيء.

4-التكيفات العصبية المركزية:

ان التكيفات الحسية والوضعية والتوتر العضلي ما هي الا تكيفات محيطية ولكنها تشتمل بالضرورة على آليات عصبية مركزية . وإذا صح أن علماء النفس أجمعوا على تدخل الآليات المركزية في عمليات الانتباه فان الكثيرين منهم يختلفون في أمكانية وجود تكيف مركزي مستقل عن التكيف الحسي أو الوضعي .

فهناك نظريتان متضادتان في هذا الصدد :-

- الأولى تقول : ان الانتباه ما هو إلا تكيف حسي ووضعي وأن الجملة العصبية المركزية لا تقوم بأي ضبط مستقل.

- الثانية: ان الجملة العصبية المركزية لا تقوم بأي ضبط مستقل وخاصة أن القشرة الدماغية كثيرا ما تلعب دورا مستقلا في الانتباه وأنه اذا أوجدنا طريقة لقياس التكيفات العصبية المركزية دون أن نتعرض لإحداث تغيرات حسية ووضعية فإننا نستطيع القطع في الأمر.

: 5- تكيف الدورة الدموية

ان الاستعداد التعبوي والانتباه مصحوب بتبدل في الدورة الدموية لأن الدم في حالة الانتباه يترك أطراف الجسم ويتجمع في المراكز ويحدث احتقان في المراكز العصبية العاملة نتيجة لشدة تجمع الدم فيها ، وهذه العملية تساعد الدم على التجدد نتيجة امتصاص الأعضاء له.

6- تكيف الجهاز التنفسي : يحصل تبدل في التنفس ، فيقصر الزفير ويطول الشهيق ، وتزيد ضربات القلب ، وتكون حركة التنفس في حالة الانتباه الشديد أشبه باللهث في حالة التعب (الإعياء)

المبحث الثاني:

التكيف النفسي : - يصاحب التغير النفسي ما يأتي:

1- تغير تركيب الشعور

ان عناصر الشعور في حالة الاستعداد التعبوي والانتباه تكون أقل مما لو كانت عليه في الحالة الطبيعية ، لأن التصورات كلها تنقلب الى تصور واحد ، ويتعذر على الإنسان أن ينتبه لشيئين معا في وقت واحد . وهذا متفق مع رأي ريبو الذي يقول : أن الانتباه يضيق مجال الشعور ويقلب ظواهره المختلفة الى فكرة واحدة . لا شك في أن الانتباه التام لشيئين من الأشياء يقتضي اتجاه النفس إليه بكل قواها ولا خلاف في أن الجميع بين أمرين معا يضيف قوة الانتباه لكل منهما ، إلا أنه في وسع بعض الأشخاص أن يركزوا نشاطهم الفكري في عدة أمور معا ، وهذا متفق مع رأي رويسن حين يقول : يظن بعضهم أن الانتباه ( تضييق لساحة الشعور وتجميع العناصر في فكرة واحدة ، والأصح أن يقال أن الفكرة المتميزة هي التي تضم إليها الذكريات حتى تملأ عتبة الشعور كلها) فالانتباه بهذا المعنى لا يمنع تعدد الأفكار.

2- تبدل فاعلية النفس

أن توقف الأفكار لحظة الإنتباه الى صورة أخرى ، ليس سكونا مطلقا ، ولا تعطلا ذاتيا ، لأن النفس عند وقوفها ، تتجه الى الشيء الجديد وتطلب منه زيادة وضوح كأنها تبغي بذلك كشف الحجاب عن المجهول ، فإذا حللنا الانتباه بالنسبة الى فاعلية النفس تبين لنا أنه توقف في تيار الإحساسات ، والتصورات والعواطف والأفكار.

: 3- التكيف الاجتماعي

ان التكيف الاجتماعي يدفع الأفراد الى الذهاب في اتجاهات كثيرة ، ويخلق لهم في هذه الإتجاهات أهدافا صناعية ليس في غرائزهم الأولية ما يدفعهم إليها ويحببهم فيها , ولهذا فالهيئة الاجتماعية تؤثر في انتباه الفرد الإرادي لان تدعوه الى التقيد بنظمها وإتباع مثلها العليا ، فيسقط من ركوده ويتجه إليها ويراقب نفسه ، ويدرك ذاته ، ويخلف نزعاته الطبيعية بجهده الإرادي . وهذا يخضع الفرد لسلطان المجتمع بتأثير التربية ، فيسيطر على غرائزه ، ويخلق ميوله ، ويجعل انتباهه خاضعا لإرادته.


العودة إلى الصفحة السابقة - المكتبة الرياضية -  www.sport.ta4a.us