Sport.Ta4a.Us المكتبة الرياضية > مقالات رياضية > الرياضة في خدمة القضايا العادلة


الرياضة في خدمة القضايا العادلة


29 يناير 2017. الكاتب : Tamer El-Dawoody

الرياضة في خدمة القضايا العادلة
أصبح العالم اليوم بمختلف مجتمعاته المتقدمة والنامية في دوامة الصراع مع التغيير .. وهذا ناتج عن التقدم الهائل في العلوم و التكنولوجيا وما نتج عنه من تغيير في مجالات الحياة سواء في المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي أو الرياضي. وأضحت عملية التغيير ظاهرة حتمية تؤثر في العلاقات الإنسانية بكافة أشكالها ، سواء في حركتها الاجتماعية أو في عاداتها وتقاليدها، ويمكن القول أن التغيير ظاهرة تخضع لها كافة الأنظمة الاجتماعية والإدارية والتكنولوجية. والمجتمع عبارة عن مجموعة من الهيئات في المجالات المختلفة فالمدرسة والجامعة والمستشفى والنادي الرياضي أو الاجتماعي أو مراكز الشباب وغيرها كلها هيئات نعيش ونتعامل معها وتعتبر هذه الهيئات عنصر من عناصر الاستقرار لأي مجتمع. الرياضة ليست ظاهرة مستقلة بذاتها فقد أصبحت في العصر الحديث و تمثل قطاعا حياديا للغاية إلى درجة انه لم يعد ممكنا إسناد التصرف فيها إلى الرياضيين فقط. فإذا سلمنا بان الهياكل الرياضية لم تتكون من اجل خدمة الرياضة للرياضة فإنها في الحقيقة تمثل وسيلة فضلى لامتصاص ما قد يثيره الشباب من اضطرابات سياسية بل إن الوظيفة الإيديولوجية للرياضة هي إخفاء التناقضات الطبقية في صلب المجتمع.فالرياضة لا تستطيع البقاء خارج شبكة من المصالح والظواهر المحيطة بها سواء على الصعيد المحلى الداخلي أو على الصعيد الدولي فالنشاط الرياضي اليوم مرتبط بأجهزة الدولة ولذالك فان تسييس الرياضة شيء حتمي اقره الواقع الاقتصادي والاجتماعي فالرياضيون وما يحققونه من انجازات باهرة يساهمون في التعريف ببلدانهم المغمورة أحيانا و يخدمون أحيانا الإغراض السياسية. ولا شك أن ازدياد عدد الهيئات وتنوعها وتشعب أدوارها الرياضية والاجتماعية يعتبر عاملاً حاسماً في سرعة التغيير ،
 فهي تؤثر وتتأثر بالمحيط ففي الوقت الذي تدعي فيه الإدارة الأمريكية العمل لإحلال الديمقراطية والتنمية, والمساهمة في بناء مجتمع المعرفة في منطقة الشرق الأوسط ، تقوم من خلال هذا الادعاء ، بالعدوان الذي تتسع أبعاده على الوطن العربي ، حيث تقوم باختراق أبرز مبادئ حقوق الإنسان الذي نص عليه الميثاق العالمي لحقوق الإنسان بحق الشعوب في تقرير مصيرها على أرضها وفي أوطانها إضافة لحق السيادة والاستقلال. ولا يطال هذا الانتهاك لأهم أسس الديمقراطية ، فئة اجتماعية أو سياسية بذاتها ، وإنما يتعدى ذلك ليصيب الشعب العربي في العديد من أقطاره بدءا ً من العدوان على غزة واحتلال العراق. إن الرياضة في كافة مراحلها تحتل الحيز الكبير في الحياة اليومية للفرد العربي، لذلك جاء الاهتمام بتطوير المناهج التربوية الحديثة لطرق تدريسها ووضع خطط حديثة للتدريب مما أدى إلى البحث عن الطرق الكفيلة التي تسعى إلى تطوير أنواعها سعيا للحصول على الإنجازات العالية أو النتائج المتقدمة والمتميزة في هذا المجال باستخدام الطرق التي تربط بين الحركات الرياضية التي تستخدم معها الأناشيد أو بين تمارينها والحركات التمثلية وخصوصا ما يداوله الناس في أعمالهم اليومية . إن البحث عن التذوق الجمالي للرياضة يتأتى من خلال من يقوم بتقديم تلك الصور والحركات بعروض التي أطلق عليها تسمية العروض الأرضية ، التي ترتقي بالمتلقي إلى مصاف متقدم من اجل توصيل هذه المتعة لملايين المشاهدين من خلال مشاهداتهم لبريق الألوان الجميلة ، وهذا المزيج من الحركات الرياضية من فنيات اللعب وألوان الملابس الزاهية ،حيث يعمل هذا الترابط إلى نقل الجميع إلى عالم ثاني مملوء بالفرحة والسرور عن طريق إمعانهم للجمالية التي تؤديها المئات من المشاركين بهذه الرياضة . ولعل الرياضة الجماهيرية أو العروض الرياضية بتسميتها الأخرى هي الرياضة الوحيدة التي هدفها أن يستمتع بها المشاهد العربي وفي لحظة ربما لم يكن من متابع لكرة القدم يتذكر قطاع غزة، فاجأ محمد أبو تريكة لاعب منتخب مصر متابعي بطولة كأس الأمم الإفريقية برفع “فانلته” عقب إحرازه هدفا ليكشف عن فانلة أخرى مكتوب عليها باللغتين العربية والإنجليزية “تعاطفا مع غزة” التي تعاني الحصار بعد أن فرضت عليها إسرائيل إغلاقا تاما. وتعزز هذه اللفتة من مكانته في قلوب عشاق الساحرة المستديرة وما سواهم كرياضي خلوق واع بقضايا أمته، إذ سبق له في البطولة السابقة التي استضافتها وفازت بها مصر عام 2006 أن عبر بنفس الطريقة عن استيائه من الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي نشرتها صحيفة “يولاندز بوست” الدنمركية عام 2005، ثم أعادت نشرها عدة صحف غربية بدعوى حرية الرأي. لافتة أبو تريكة حظيت بإشادة إعلامية كبيرة؛ فعلى موقع “نافذة مصر” على الإنترنت قالت أسرة التحرير: “إنهم يشدون على أيدي اللاعب الخلوق ويتمنون له مزيدًا من التفوق في حياته الرياضية، ومزيدًا من القوة في دينه وثباتًا على الحق”. وأبو تريكة، الذي يحلو للجماهير والمعلقين اختصار اسمه إلى تريكة، هو النجم الأول لعشرات الملايين من عشاق كرة القدم على المستوى العربي والإفريقي، نظرا لما يتمتع به من موهبة كروية رفيعة وأخلاق رياضية قلما تجود بها الملاعب، إضافة إلى تجاوبه مع قضايا الأمة العربية والإسلامية والقضايا الإنسانية. محمد أبوتريكة ضرب مثالا رائعا عمليا في تبنى القضايا الإسلامية العربية ذات البعد الإنساني وأن الإنسان مهما علا صيته وبزغ نجمه يجب عليه ألا ينفصل عن أصله ولا ينفصم عما يحل بإخوانه. لقد أعطى النجم المسلم درسا بليغا، دون أن ينطق بكلمة واحدة، أعطى درسا في تطبيق حديث رسول الله للإنسانية ومعلم البشرية محمد صلى الله عليه وسلم “ترى المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر” فبارك الله فيك أبو تريكة ونفع بك وجزاك عن الإسلام والمسلمين خيرا. إنه بهذه اللفتة السريعة التي لم تستغرق بضع ثوان حقق ما لم وما لم تحققه آلاف المقالات التي كتبت وستكتب عن غزة. لقد وجه رسالة للعالم كله: أننا نحن العرب والمسلمين مع أهل غزة في محنتهم وفي حصارهم لن ننساهم ولن نتخلى عنهم مهما حدث. لدي كلام كثير ولكن أقول لكل لاعب يريد النجاح والتوفيق وحب الناس: اتخذ من أبو تريكة قدوة لك وعبر عن حب لدينك قدر ما تستطيع. وأعلم أن توفيق الله لك على قدر عطائك لدينك وأمتك وبلدك .


العودة إلى الصفحة السابقة - المكتبة الرياضية -  www.sport.ta4a.us