المكتبة الرياضية الشاملة - http://www.sport.ta4a.us/
  • الرئيسية
  • البحث
  • اتصل بنا
  • التسجيل
    المكتبة الرياضية » العلوم الإنسانية » علم النفس الرياضى » الأمن النفسي مفهومة ، متطلباته و النظريات المفسرة له

    الأمن النفسي مفهومة ، متطلباته و النظريات المفسرة له

    25 أكتوبر 2017, 11:05
    علم النفس الرياضى
    6 397
    0
    الأمن النفسي مفهومة ، متطلباته و النظريات المفسرة له

    الأمن النفسي ( مفهومة ، متطلباته و النظريات المفسرة له )

    مفهوم الأمن النفسي :
    يشتمل مفهوم الأمن النفسي على جوانب عديدة ، إذ لم يقتصر على جانب واحد من الجوانب الحياتية ، فهو يتضمن الأمن الصحي والديني والقانوني والاقتصادي والثقافي والتربوي والاجتماعي .
    ويعني الأمن النفسي كمفهوم عام حالة مجتمع تسوده الطمأنينة والتوافق والتوازن ( زهران ، 1988 : 2) .
    ويعني كذلك الثبات والاستقرار النفسي ، ويتحقق هذا بأمور منها اليقين بالحق وانتفاء الظن والشك من النفس ، وان تكون آمنة لا يستفزها خوف ولا حزن وان تنتهي بآمالها ورغباتها الى ربها (الشرباصي ، 1971: 15) .

     
    لذلك يعد الأمن النفسي عامل مهم من العوامل التي تؤدي بالفرد الى الصحة النفسية ومن ثم الى شخصية ناضجة ايجابية ومنتجة . وتدل البحوث على أن القلق الذي يسبب للفرد اضطرابات نفسية متعددة سببه عدم الشعور بالأمن النفسي حيث أشار (ماسلو) إلى أن الأمن النفسي والطمأنينة من المتطلبات الأساسية التي وضعها على سلّم هرمه .
    أما الأمن النفسي فيعني التحرر من الخوف أياً كان مصدره ، فيشعر الفرد انه محبوب من قبل الآخرين وله مكانة في الجماعة وينذر شعوره بالخطر والتهديد والقلق . فالتربية في العائلة والمدرسة والصف تساعد الطفل بصورة كبيرة على إتمام وصيانة أمنه النفسي ، وتؤكد قبوله الجوهري المتأهل في الحرية الشخصية والعاطفية ( حسين ، 1987 : 111) .
    أما في مرحلتي المراهقة والرشد فانهما يبحثان عن الطمأنينة الاقتصادية والرضاالإجتماعي ، بالرغم من ان المراهقة ينظر إليها بوصفها فترة مشاكل متلاحقة ، فالمراهقون حساسون بالنسبة لأي تهديد لحاجتهم الى الطمأنينة والأمن النفسي . فالفرد يكون في حالة أمن متى ما كان مطمئناً على صحته وعمله ومستقبله واطفاله وحقوقه ومركزه الإجتماعي ، ولارضاء هذه الحاجة فيعمل على اكساب رضا الناسوحبهم واهتمامهم ومساعدتهم العاطفية .
    فدافعية الراشد في الحياة هي الكفاح للتغلب على النقص ولاحداث حالة من الأمن (راجح، 1973: 93) .
    فالأمن النفسي حاجة أساسية موجودة عند كل الناس بدرجات متفاوتة وتعبّر عن شعورالفرد بانه قادر على البقاء في علاقات متزنة مع الآخرين ، إذ يشعر بالألفة والانتماء ويدرك ان العالم من حوله سعيد وآمن (التتنجي، 1997: 40).
    فضلاً عن أن الدين بوصفه ظاهرة إجتماعية له جانبان هما الجانب النفسي والجانب الموضوعي ، ويعني الجانب النفسي حالة ذاتية أي داخلية يشعر بها المتدين ، وهي حالة الانقياد والاذعان للمعبود ، أما الجانب الموضوعي فيتضمن العادات والشعائر ودور العبادة والمعتقدات والمبادىء التي تدين بها الأمة أو الشعب أو مجتمع ما ( شاهين، 1981: 46-47) .
    ويعدُّ (وليم جيمس) الفيلسوف والعالم الأمريكي من العلماء الأُوَل الذين نادوا بأهمية الديـن في الصحـة النفسية حيث قـال ” ان أعظـم علاج للقـلق هو الايمان ” (كارنجي ، 1978: 60) .
    إذ ان الدين يعني العلاقة بين الانسان وربه ، والانسان والمجتمع ، والانسان ونفسه ، لذلك أصبح يشغل حيزاً كبيراً من حياتنا العلمية والفكرية والتربوية ، بل أصبح اخطر قضايانا في المرحلة الراهنة ( إبراهيم، 1996: 50) .
    ويعدُّ الدين من أهم المصادر التي تعمل على تصحيح الاعتقاد المنحرف وتوجيهه في الطريق الصحيح ، وهذا الاعتقاد له آثاراً على معتنقيه واهم هذه الآثار اصلاح ظاهر الانسان وباطنه .
    ويعدُّ الدين مؤسسة اجتماعية لا يمكن فصله عن واقع المجتمع ، ابتداءً من الاقوام البدائية وحتى ارقى الأمم حاضراً ( باشكيل، 1988: 80) .
    وتمدنا الدراسات التأريخية للاديان لاسيما الدين الإسلامي بأدلة عن نجاح الايمان بالله في شفاء النفس من امراضها وتحقيق الشعور بالأمن والطمأنينة والوقاية من الشعور بالقلق وما قد ينشأ عنه من أمراض نفسية .
    إذ ان الايمان يحقق للمؤمن سكينة النفس وأمنها وطمأنينتها ، لأن الايمان الصـادق بالله يمـده في الأمـل والرجـاء في عـون الله ورعايتـه وحمايته (القرضاوي ، 1980 : 25) .

    أهمية الأمن النفسي :
    إن الحاجة للأمن النفسي من الحاجات الأساسية التي يُعد اشباعها مطلباً رئيساً لتوافق الفرد ، ويُعد حافزاً قوياً للسلوك يتشكل منذ الطفولة .
    وفي مرحلة الشباب التي تمتاز بالتمرد وكثرة التناقضات والصراع وحدة الازمات النفسية ، إذ ان كثرة العوامل والمؤثرات التي تحيط بهم من الداخل والخارج ، والتي تفقدهم الأمن النفسي وتجعلهم في حالة ماسة إلى ان يؤخذ بيدهم ويوجههم ويساعدهم على التكيف مع انفسهم ومع من حولهم .
    وقد فسرت الانحرافات بما فيها التشرد والعدوان ما هي الا أساليب دفاعية للتخلص منالقلق والتوتر والشعور بالدونية التي يشعر بها الفرد في بيئته غير الآمنة ( حسين ، 1987 : 107) .
    ونتيجة النقص في الحرية للعيش وحياة أكثر أمناً ، يحاول الأفراد ان يهربوا من أجل حريتهم ، وهذا ما نشاهده ونعيشه في الوقت الحاضر في بلدنا .
    فالأمن النفسي حاجة أساسية للانسان في أي مرحلة من مراحل عمره وهي من مقومات الشخصية السوية ، ولا بد من توفير الأمن للفرد كي يستطيع أن يعيش متوافقاً مع نفسه ومع الآخرين ، قادراً على ممارسة دوره في الحياة بفاعلية ونجاح ( التتنجي ، 1997 : 39) .

    متطلبات الأمن النفسي :
    هناك بعض الخصائص التي تؤدي دوراً مهماً في توفير حاجة الأمن لدى الفرد ، وتتمثل هذه الخصائص بما يأتي :
    (1) القدرة على تحمّل المسؤولية والصمود بوجه الأزمات .
    (2) تقبل الذات .
    (3) تقبل الآخرين
    (4) القدرة على العمل .
    (5) اتخاذ أهداف واقعية .

    العوامل المؤثرة في الأمن النفسي :
    ان الشعور بالأمن النفسي حاجة يدخل في اشباعها عوامل عديدة منها :
    1- عوامل نفسية :
    إن البيئة تمثل أحد العوامل النفسية التي تؤثر في مشاعر الأمن والاطمئنان ، والجو العاطفي للأسرة يعدُّ من أهم المصادر اللازمة في تحقيق الأمن النفسي .
    فاهمال حاجات الشباب وعدم اشباعها هي سبب بانحرافاتهم التي تأخذ اشكالاً مختلفة تفقدهم أمنهم وتوازنهم النفسي الذي يجعلهم بحاجة ماسة إلى من يأخذ بأيديهم ويوجههـم الى الطريـق الصحيح ويساعدهم على التكيف مع نفسه ومع الآخرين (الشيباني ، 1973 : 164) .

    (2) عوامل إجتماعية :
    إن شعور الفرد بالأمن النفسي عندما يكون قادراً على التكيف مع البيئة والتفاعل مع الآخرين ، والشخص القلق يجد الراحة والأمن بصحبة الآخرين ، فأسرة العمل والانتماء الى الوطن تزيد من الشعور بالأمن النفسي ، حيث أكد سوليفان على ان الحاجة للشعور الجيد تستند الى الأمن ، فهي تتطور أصلاً خلال تجارب الفرد في موافقة ورفض الآخرين (فهمي، 1987: 163) .

    (3) عوامل دينية وأخلاقية :
    إن جوهر الأمن يتأثر بنظام المعتقدات والقيم والاتجاهات والاخلاقيات المشتركة فيالمجتمع ، وتشكل هذه العناصر بعض الجوانب الأساسية للأمن النفسي، فالدين له الأثر الواضح في الشعور بالأمن ، إذ يساعد الفرد على الاستقرار، وإن التعاليم الدينية والقيم الروحية والاخلاقية تهدي الفرد الى السلوك السوي وتجنبه الوقوع في الخطأ والشعور بالذنب وعذاب الضمير التي تهدد أمنـه (مهدي ، والكناني ، 1989 : 16) .

    النظريات التي تناولت الأمن النفسي

    (1) نظرية التحليل النفسي :
    أكد فرويد على ان الشخصية تتكون من ثلاثة مكونات أساسية هي ( الهو ـ الأنا ـ الأنا العليا ) .
    حيث قامت نظرية فرويد على أساس غريزي ، إذ ان ( الأنا) تواجه دائماً النزعات الغريزية ( للهو) التي تحاول التعبير عن نفسها ، ويترتب على ذلك صراع داخلي في اعماق اللاشعور .
    ونتيجة لخشية ( الأنا) من ان تظهر النزعات الغريزية ( للهو) ، فان الشخصية تعيش في قلق دائم وذلك من خلال مسببات عدم اصدار الأوامر والنواهي الذي يأخذ شكلاً مرضياً ، وتستحوذ على الفرد افكار ملحة لاتهام الذات وعدم الشعور بالأمن والطمأنينة . ونتيجة لقلق الضمير الذي يصبح شيئاً لا يطــاق (الخزاعي ، 2002 : 17) .
    وافترض فرويد ان الانسان تحركه الرغبة في اللذة وتجنب الألم ، أي الشعور بالأمن والطمأنينة ، وقد يحصل ذلك من خلال اللجوء الى الحيل الدفاعية والافراط في استخدامها يؤثر سلباً على تفاعل الفرد مع الحياة ، ويدل على الضعف النسبي ( للأنا) ، ومع ذلك فان عدم الشعور بالأمن هو نتيجة الحرمان والكبت في الطفولة ( جورارد ، 1988 : 252) .
    فقد أكدت هورني على السياق الإجتماعي للنمو ، وان الخبرات تنتج أنماطاً مختلفة من الصراعات في الشخصية ، فالشعور بالقلق وعدم الطمأنينة ناتج عن العزلة والضعف ، وتظهر هذه المشاعر عندما تتعرض العلاقات المبكرة للنمو الداخلي عند الطفل وتخلق حاجات متناقضة نحو الناس ( دافيدوف، 1988: 592).
    أما فروم فيرى ان الانسان حيوان وكائن بشري في آن واحد ، فهو حيوان بما لديه من حاجات بايلوجية لا بد من اشباعها ، وهو كائن بشري بما لديه من الشعور بذاته والعقل والخيال . وان اعتماده على الوسائل الدفاعية الهروبية كالانصياع وهو مؤشر على فقدان الأمن والاستقرار ( شلتز، 1983: 123) .
    وافترض فروم خمس حاجات تنتج عن الارتداد بين حاجة الأمن والحرية وهـي ( الحاجـة الى الانتمـاء ـ الحاجـة الـى التجـاوز ـ الحاجة الى الارتباط بالجذور ـ الحاجة الى الهوية ـ والحاجة الـى الاطـار المرجعـي (هول ولندرزي ، 1971 : 74) .
    أما ليفين فقد افترض ان الشخصية مركز ديناميكي لعمليات عديدة تحدث سلسلة من المجالات الشخصية المتبادلة .
    أما سوليفان فقد أكد على ان مشاعر عدم الأمن والقلق لدى الفرد تشوه ادراكه للواقع كما تؤثر على نمو شخصيته (wood , 1974, P: 145) .

    (2) النظرية السلوكية :
    يركز السلوكيون في وصف الشخصية على الحتمية البيئية الميكانيكية ويقللون من تأثير العوامل التكوينية والبايلوجية .
    وترى النظرية السلوكية ان العلم ما هو الا عملية اكتساب عادات عند الأفراد، وتتكون بالتدريج عن طريق تكوين ارتباطات شرطية بين مثيرات واستجابات ، وان هذه الاستجابات تشبع حاجات معينة لديهم ، الأمر الذي يجعلها تخفف من حدة المثيرات التي تسبب هذه الاستجابات ، وتخفف من التوتر عند الفرد مما يضعف الارتباط بين المثيرات والاستجابات .
    وترى نظرية ( جثري) التي تتبنى افتراض الارتباط او الاقتران الفوري كشرط أساس لحصول ارتباط جديد بين المثير والاستجابة .
    في حين يؤكد البعض ومنهم ( هل) على ان التعزيز او الثواب يصحب الاستجابة ( هول وليندزي ، 1971 : 545 ) .
    في حين يؤكد ( واطسن) على القلق والخوف يُعدان من مهددات الأمن والطمأنينة ، ويرتبطان بالمعززات والاشتراطات التي واجهها الفرد خلال تأريخه التعليمي ( الخزاعي ، 2002 : 20) .
    أما سكنر فقد أكد على الاشتراط الاجرائي ، حيث يعتقد أن التعزيزات التي يواجهها الأفراد في بيئتهم بشكل عشوائي والتي لا يمكن التنبؤ بها تؤدي الى العصاب .
    ويفترض سكنر أن اعتقاد الفـرد بأداء استجابة معينة يسهم في جلب التعزيز رغـم ان العلاقـة هنـا قـد تكون وهمية .
    ويؤكـد أيضاً على أن الفـرد يركز على النتائـج التي تعقب الاستجابة وليس على المنبه الذي يسبق الاستجابة كما يرى ( بافلـوف ) . (الازيرجاوي،1991 : 269) .
    ويشير دولارد وميللر الى ان عدم الشعور بالأمن النفسي هو استجابة لا توافقية متعلمة لصراعات تنمو في مراحل مبكرة وتعمم لمـواقف مشابهة مستقبلاً (العزة وعبد الهادي ، 1999 : 83) .
    ويعتقد السلوكيون ان الشعور بالأمن النفسي يتحقق من خلال اكتشاف الفرد عادات مناسبة تساعده على التعامل مع الآخرين ومواجهة المواقف والتوافق مع البيئة ( الخزاعي ، 2002 : 22) .

    (3) النظرية المعرفية :
    يعتقد المعرفيون ان هناك تفاعلاً متواصلاً بين المؤثرات البيئية والعمليات المعرفية والسلوك ، فقد ركزت هذه النظرية على العمليات الادراكية والانشطة العقلية والذاكرة بدلاً من التركيز على ملاحظة السلوك الظاهر كما هو الحال لدى السلوكيين ( الأزيرجاوي، 1991 : 26) .
    ويرى علماء هذه النظرية بان الفرد الذي يعاني من عدم الشعور بالأمن يحاول ان يحمّل الآخرين مسؤولية ذلك ، منكراً الواقع ومكوناً له نظاماً ومعنى بأسلوبه الخاص يمكنه من السيطرة عليه ( صالح ، 2000 : 127) .
    ويرى بياجيه ان الانسان لكونه جزءاً لا يتجزأ من بيئته ، معتمداً في ذلك على المخططات وهي البنى العقلية المتكونة وراثياً ، أو قوانين تنظم معالجة المعلومات والسلوك ، وان هذه المخططات تتكيف وتتغير على وفق الارتقاء العقلي ويكون الاضطراب وعدم الشعور بالأمن نتيجة لخبرات الطفولة المتأخرة .
    ويعتقد بياجيه ان هناك وظيفتين للتفكير ثابتتين لا تتغيران مع تقدم العمر وهما التنظيم والذي تتمثل وظيفته بنزعة الفرد الى ترتيب العمليات العقلية وتنسيقها في انظمة كلية متناسقة ومتكاملة .
    أما الوظيفة الثانية فهي التكيف فتتمثل بنزعة الفرد الى التلاؤم والتآلف مع البيئة التي يعيش فيها ( ابو جادو ، 2000 : 104) (Derksen,1995,P:149) .

    ثالثاً: الاتجاه الروحي ـ المادي
    إن للانسان جانبين أحدهما مادي يتمثل في تركيبه العضوي ، والآخر روحي وهو مسرح النشاط الفكري والعقلي ، فليس الانسان مجرد مادة معقدة وإنما هو متكاملالشخصية يتكون من عنصري المادة والروح ، وهذا التآلف يجعلنا نجابه موقفـاً عسيـراً في سبيـل استكشاف نوعيـة الصلـة بينهمـا في الانسان .
    حيث أن العلاقة بينهما وثيقة حتى ان أحدهما يؤثر في الآخر باستمرار، حيث ان الجسم والعقل يؤثر احدهما في الآخر .
    فالجسم جزء من المادة له خصائصه من ثقل وكتلة وشكل وحجم ، وهو يخضع لقوانين الفيزياء ، أما الروح فهي موجود غير مادي ينتسب إلى عالم ما وراء عالم المادة ومع هذه الهوة الفاصلة يصعب تفسير التأثير المتبادل بينهما .
    وقد أدت المشاكل التي تنجم عن تفسير الإنسان على أساس الروح والجسد معاً بلورة اتجاه حديث في التفكير الاوربي إلى تفسير الانسان بعنصر واحد، فنشأت المادية في علم النفس الفلسفي القائلة ان الإنسان مجرد مادة وليس غير .
    وتولدت النزعة المثالية التي تجنح إلى تفسير الإنسان كله تفسيراً روحياً . وأخيراً وجد تفسير الانسان على أساس العنصرين الروحي والمادي على يد الفيلسوف الإسلامي صدر الدين الشيرازي ( شريعتي، 2002: 195).
    فقد اكتشف هذا العالم الكبير حركة جوهرية في صميم الطبيعة هي الرصيد الأعمق لكل الحركات الطارئة المحسوسة التي تزخر بها الطبيعة ، وهذه الحركة الجوهرية هي الجسم الذي كشفه الشيرازي بين الروح والمادة . فان المادة في حركتها الجوهرية تتكامل في وجودها وتستمر في تكاملها حتى تتجرد عن ماديتها ضمن شروط معينة وتصبح كائناً غير مادي ( أي كائناً روحياً ) . فليس بين المادي والروحي حدود فاصلة ، بل هما درجتان من درجات الوجود والروح ، وبالرغم من انها ليست مادية ذات نسب مادي لأنها المرحلة العليا لتكامل المادة في حركتها الجوهرية ( الصدر ، 2002: 334).
    وفي ضوء هذا نستطيع ان نفهم العلاقة بين الروح والجسم ، ويبدو العقل ليس شيئاً مفصولاً عن المادة بهوةً سحيقة كما كان يُخيل ( لديكارت) حيث أضطر إلى إنكار التأثير المتبادل والقول بمجرد الموازنة ، بل ان العقل نفسه ليس الا صورة مادية عند تصعيدها إلى اعلى من خلال الحركة الجوهرية . فالفرق بين المادية والروحية فرق درجة واحدة فقط ، كالفرق بين الحرارة الشديدة والحرارة الأقل منها درجةً .
    ولكن هذا لا يعني أن الروح نتاج المادة وأثر من آثارها بل هي نتاج للحركة الجوهرية . والحركة الجوهرية لا تنبع من نفس المادة لأن الحركة ( كل الحركة) خروج للشيء من القوة إلى العقل تدريجياً .
    والقوة لا تضع العقل والامكان لا يضع الوجود ، فللحركة الجوهرية سببها خارج نطاق المادة المتحركة ، والروح هي الجانب غير المادي من الإنسان نتيجةً لهـذه الحركة ، والحركـة نفسها هي الجسـر بيـن الماديـة والروحيـة (الصدر، 2002: 336 ).
    عبّر القرآن الكريم عن الطبيعة الإنسانية بالفاظ عديدة ومختلفة الدلالة ، لكنها في مجموعها ترسم صورة متكاملة وواضحة .
    والألفاظ التي استخدمها القرآن الكريم في تعبيره البلاغي هي الإنسان ـ النفس ـ البشر ـ الأنس ) .
    ولكل لفظ من هذه الألفاظ دلالة خاصة تميزه عن غيره، فلفظ البشر يعني الجانب المادي في الإنسان ، فالمشروكون يعترضون على ان الرسول محمد  “هل كنت الا بشراً رسولاً ” .
    ولقد ورد لفظ بشر في خمسة وثلاثين موضعاً في القرآن الكريم ، منها خمسة وعشرون في بشرية الرسل والانبياء ( عبد الباقي 1987: 34 ) .
    ولفظ الروح يُطلق على الجزء غير العادي في الإنسان ، وأحياناً يطلق ويُراد به جبريل  ، فصلته بالطبيعة الإنسانية هنا ان يعرض جانب منها وهو جانب الروح ، والروح لا يدرك كنهها الا الله تعالى ( قل الروح من أمر ربي) .
    ولفظ ( نفس ) يُطلق في القرآن الكريم فيراد به أحياناً للإنسان عامةً في جانبه الجسمي وجانبه الروحي ، وأحياناً يُطلق لفظ ( النفس ) ويُراد به بعض صفاتها مثل ( ان النفس لأمارة بالسوء) و( ولا أقسم بالنفس اللّوامة) .
    أما لفظ الإنسان فهو مأخوذ من مادة ( أنس) وهذا يعني ان الإنسان ليس وحشياً وإنما هو مدني بالطبع ( العسكري ، 2000: 68-70).
    هنالك عدة أنماط للشخصية المادية ، وقد صنفها فروم إلى عدة أنواع منها :
    (1) الشخصية ذات التوجه التقبلي : وهي الشخصية التي لا تستطيع ان تشبع حاجاتها المادية والنفسية بنفسها ، بل تطلب من الآخرين ان يشبعوها لها .
    (2) الشخصية ذات الاتجاه الاستقلالي: وهي الشخصية التي تأخذ من الآخرين ما تحتاج إليه بالقوة او بالدهاء مثل النصب والاحتيال والسرقة .
    (3) الشخصية ذات الاتجاه التجميعي : وهي الشخصية التي ترغب وتهوى جمع الأشياء من دون استغلالها مثل البخيل والحسناء التي تجمع حولها المعجبين .
    (4) الشخصية التسويقية: وهي الشخصية التي يكون همها وتوجهها تسويقي وتكون مستعـدة لتوظيف نفسها لمـن يدفـع لهـا الأجـر الأعلـى وتتشكل بحسـب متطلبـات السـوق وتتاجر بمواهبهـا واستعداداتهـا(الحفني ، 1978 : 459ـ460) .
    إن ادراك الإسلام لطبيعة الإنسان جعلته يقرر ضرورة تنمية جميع جوانب شخصية الإنسان المادية والروحية على حدٍ سواء ، ونضجها ، فتنمية الجانب المادي على حساب الجانب الروحي في الإنسان يؤدي إلى ان يسير الإنسان في مسارات مادية مظلمة قد تؤدي بحياة الإنسان وبقيمه وباخلاقياته . ونرى ان الإسلام قد وفق بين هذين الجانبين توفيقاً منسجماً ( سلطان ، 1983: 77) .
    إن الاتجاه الروحي الذي يؤكد عليه (شرف وآخرون) هو حاجة من الحاجات التي ينبغي ان ينميها الإنسان ، أي حاجة الإنسان إلى تنمية قوة داخلية ذاتية ، والحاجة إلى التعبير عن هذه القوى ( شرف وآخرون ، 1972: 104) .
    ويقف في الجانب الآخر الاتجاه المادي الذي لا يقل أهمية عن الاتجاه الروحي ، فللإنسان حاجات تحركه ودوافع تُسير سلوكه الإنساني .
    ومن هنا نرى ان للاتجاهين الروحي والمادي معاً أثرهما الكبير في تكوين الشخصية السليمة والمتوافقة ، فيشير مرسي إلى ان من معايير الصحة النفسية للإنسان هو التوازن بين هذين الاتجاهين ( مرسي، 1988: 84) .
    ان على الإنسان ان يوازن بين القيم المادية والقيم الروحية ويعطي للروحية افضلية ، لأن الإنسان العربي له تراثه الروحي الأصيل الذي ينبع من الدين الإسلامي ، من خلال ذلك يتضح ان للاتجاه الروحي والمادي والموازنة بينهما أهمية بالغة في تكيف الإنسان وتمتعه بصحة نفسية ، وان التطرف في احدهما يجعله بعيداً عن التمتع بهما .
    وتوصف الشخصية المادية حسب تصنيف ( فروم) بأنها لا تستطيع ان تشبع حاجاتها المادية والنفسية بنفسها بل تطلب من الآخرين ان يشبعوها لها ، وهي شخصية لا تستطيع ان تعطي في مقابل ما تأخذ وتطلب من الآخرين ان يعطوها العطف والانتباه وهي شخصية ذات توجه تقبلي ، وهناك شخصية تأخذ من الآخرين ما تحتاج إليه بالقوة أو الاحتيال او بالدهاء مثل النصب والسرقة ، وهذه الشخصية ذات التوجه الاستغلالي ، بالاضافة إلى ان هناك شخصية بخيلة تهوى جمع الأشياء من دون استغلالها مثل الرجل البخيل والشخص الذي يرغب ان تكون له جماعة من غير ان يكن لهم حب وعاطفة حقيقية وهذه الشخصية ذات توجه تجميعي . والشخصية الرابعة هي التي يكون توجهها تسويقي وتكون على استعداد لتوظيف نفسها لمن يدفع أعلى سعر وتتكون بحسب متطلبات السوق، وتتاجر بمواهبها واستعداداتها وهذه الشخصية ذات توجه تسويقي .
    إن الإنسان المتمتع بالصحة النفسية هو الذي يحقق التوازن بين الاتجاه الروحي والاتجاه المادي في شخصيته، أي بين أداء العبادات وأداء العمل وبين الروح الجماعية والفردية وبين المثالية والواقعية وبين الضمير والسلطة الخارجية وبين الايثار والانانية ( الجنابي ، 1997 : 36) .
    لا بد من وضع فلسفة تربوية للتعليم الجامعي تنبثق من الفلسفة العربية الإسلامية والتي تهدف إلى التأكيد على الجانب الايماني من خلال ترسيخ الايمان بالله وبرسالاته السماوية وخاتمتها الإسلام والمبادىء السامية في نفوس المدرسين والطلاب الجامعيين من خلال نشر القيم الإسلامية في المناهج الدراسية بحيث يؤمن بها المتعلمون لتصبح ضمائر حيّة تستطيع الفصل بين الخير والشر .
    وترسيخ الاخلاق والقيم وروح التعاون والمحبة والتماسك من أجل خلق مجتمع ايماني وتحقيق التوازن في شخصية الاستاذ والطالب الجامعي من حيث القيم الدينية والدنيوية .
    والعمل بالهدف الإنساني على أساس الإنسان هو خليفة الله في الأرض من خلال تنمية شخصية الإنسان من جوانبه كافة الروحية والفكرية والوجدانية والخلقية والجسمية والجمالية والاجتماعية بصورة متوازنة ومتكاملة ومتفاعلة مع المجتمع . أما الحانب العلمي فيتضمن ترسيخ مفهوم العلم في فكر الطلبة منهجاً واسلوباً والعمل على تطوير البحث العلمي من خلال وضع برامج علمية متوازنة الغرض منها النهوض بالمجتمع وتحقيق العدالة والمساواة بين الطلبة واتاحة فرص التعلم لجميع ابناء المجتمع . ( العسكري ، 2000: 71).
    أما من ناحية الهدف الاخلاقي فهو الصمام والمعيار الذي بموجبه تتوازن القيم العلمية مع الإنسانية لتكوين مجتمع متوازن وذلك من خلال إرساء قيم خلقية تكون معياراً للاستاذ والطالب الجامعي والالتزام بقواعد وانظمة الجامعة واحترام هذه القواعد من قبل جميع منتسبي الجامعة .

    المكتبة الرياضية الشاملة على تيلجرام telegram

    برجاء ذكر المصدر حتى تعم الفائدة :المكتبة الرياضية الشاملة : الأمن النفسي مفهومة ، متطلباته و النظريات المفسرة له

    التعليقات
    الحد الأدنى لطول التعليق هو 255 حرفا. التعليقات خاضعة للإشراف
    رسالة الموقع
    نعتذر عزيزي مجموعة الـ الزوار غير مسموح لها باستخادم خاصية التعليقات .
    فضلاً قم بالتسجيل لتتمكن من التعليق على المواضيع

    المقالات التي قد تهمك أيضا: