الضغوط النفسية في المجال الرياضي
تعتبر الضغوط النفسية أحد الظواهر النفسية التى تؤثر على الصحة النفسية للفرد ، فقد تؤدى شدة الضغوط النفسية والتعرض المتكرر لها إلى آثار وتأثيرات سلبية فى شخصية الفرد وإلى خلل فى الصحة النفسية ، مما قد يؤثر على صحته وقد يصـل الأمر إلى الإنهـاك العضلى والإجهاد النفسى والذهنى وبعض المشكلات النفسية السلبية التى لا يستطيع الفرد تجاهلها أو التكيف معها بسهولة وبالتالى فهى مواقف ضاغطة قادرة على تفجير اضطرابات سلوكية حادة ، وقد تدوم لفترة طويلة وتختلف تلك المواقف اختلافات التركيب النفسى للفرد .
وقد تؤدى المواقف الضاغطة إلى تغيرات فسيولوجية سلبية ، ومنها انخفاض الكفاءة الصحية للفرد ، وزيادة التعب بأقل مجهود ، صعوبة التنفس ، وآلام الظهر ، التشنج العضلى ... إلخ وكذلك قد يؤدى الموقف الضاغط إلى مظاهر انفعالية منها انفعالات غير سارة ، الدرجات الأولى من الإكتئاب (القلق – الغضب – عدم التحكم فى الانفعال – العدوان – الغيرة ) .
وتفرض الضغوط النفسية الحياتية على الفرد متطلبات قد تكون فسيولوجية أو نفسية أو اجتماعية ، وقد تجمع بين اثنين أو أكثر من هذه الجوانب ، والتصدى لهذه الضغوط ومواجهتها ينتج عنه أضرار كثيرة يتحملها الفرد وتؤثر فى حياته الشخصية والعملية .
والتربية البدنية والرياضية أحد المهن التى تتعرض للضغوط النفسية من خلال مظاهر التقدم الحضارى فى العصر الحديث الذى نعيش فيه ، خاصة إن التربية البدنية و الرياضية عملية ديناميكية مستمرة وليس غايتها جمع المعارف والمعانى والارتقاء البدنى الحركى فقط ، بل تعمل بجانب هذا على تنمية الفرد ليكون مواطن صالح نافعاً لمجتمعه .
1. تعريف الضغط :
ويعرف الضغط Stress بمعانى متعددة وقد يعرف على سبيل المثال كمتغير بيئى مثال زيادة ضغط الجمهور ، بينما يعرفه البعض الأخر كاستجابة انفعالية لموقف معين.أو هو مرادف للقلق و يقصد به حالة انفعالية مؤلمة أو بغيضة مثال الناشىء الرياضى الذى يعانى من الضغط بدرجة عالية بعد الفشل . و الضغط يحدث عند اللاعب الـريـاضي في حــالة عـدم وجود تـوازن حقيقي أو جوهري بين المطالب التي يدركها اللاعب و بين قدرته على الإستجابة لهذه المطالب المدركة.
كما عرف " وليم الخولى " الضغوط بأنها الحالات التى يتعرض فيها الإنسان لصعوبات مادية ومعنوية وبيئية وجسمية ونفسية ، والتى يحاول التغلب عليها فى حياته اليومية بطريقة أو بأخرى من طرق التكيف مع البيئة المحيطة به لمحاولة الاحتفاظ بحالة التوازن أو التوافق والاستقرار وكثيراً ما تؤثر تلك الصعوبات وتشمل تعباً وإجهاداً وإنهاك لا يمكن التغلب عليه لإعادة هذا التوازن والاستقرار .
كما عرف بعض الباحثين الضغوط فى ضوء ثلاثة جوانب هامة هى المثيرات ( الأسباب ) التى تؤدى إلى الضغوط والاستجابة أى الحالة الراهنة للفرد للمواقف الضاغطة ، والجانب الثالث النظر إلى الضغوط فى ضوء ( المثيرات والاستجابة ) معاً مشتركين كجانب أخر وسوف نعرض فيما يلى تعريفاً لكل جانب من هذه الجوانب الثلاثة .
أولاً : تعريف الضغوط فى ضوء أسبابها ومصادرها ( المثيرات ) :
أشار " سعد جلال " إلى الضغوط على أنها تحدث تأثيرات داخلية عن طريق الجهاز الإدراكى للكائن الحى ، يعرف باسم ( العناء strain ) ، كما يضيف إلى أن الشدائد النفسية فى أى وقت موقف من مواقف الحياة لا يمكن فهمها إلا من ناحية علاقتها بوجهة نظر الشخص نفسه ، لأن المعنى الداخلى للشدة عند الفرد وتفسيره يتصل ذلك بحياة الفرد من خلال نموه النفسى وأهم الخبرات التى تولد الشدائد ، وتكون من خلال العلاقات الإنسانية .
ثانياً : تفسير الضغوط فى ضوء الاستجابة التى تصدر عن الفرد :
يـذكر " رابكن وسترونج " Rabkin and struaning أن الضـغـوط هى استجـابة الفـرد للـظروف الضاغطة مكوناً شكلاً من الاستجابات الفسيولوجية والنفسية المباشرة ، وترى " راينز مارتنز " أن الضغوط النفسية حالة من الانفعالات النفسية السلبية مثل ( الغضب – القلق – الإحباط – قلق الحيلة ) وانزعاج أو تقليل العزم ويعانى منها الفرد نتيجة عوامل متعلقة بالمهنة الخاصة بالفرد .
ثالثاً : تعريف الضغط فى ضوء المثير والاستجابة معاً :
فقد أشار " سيلى " seley أن الضغوط هو عدد من الاستجابات الفسيولوجية لعوامل البيئة غير الصحية الضارة أو أى مطلب يوجه إلى الفرد ، ويكون مكرهاً أو مجبراً على تنفيذه أو القيام به .
من هنا يتعرض اللاعب فى مواقف التدريب أو المنافسة إلى العديد من الضغوط النفسية والتى لها آثارها الواضحة على سلوك الرياضى ومستوى قدراته ومهاراته ، بلى وتمتد آثارها أيضاً على درجة تفاعله مع الآخرين .
لقد تعددت تقسيمات أنواع الضغوط لدى العلماء منها :
1 – يذكر " هول ولندزى " Hall & Lindazey) 1978 ) أن " مورى " صنف الضغوط إلى نوعين :
أ - ضغوط بيتا Betastress وهى الضغوط التى تولد وتنشأ نتيجة إدراك الفرد للموضوعات البيئية وتفسيرها .
ب - ضغوط ألفا Alpha stress وهى الضغوط المتصلة بالموضوعات البيئية كما توجد فى الواقع أو كما يظهرها البحث الموضوعى .
2 – ويذكر " لازاوس وكوهن " Lazaraus & cohan أن هناك نوعين من الضغوط :
أ – الضغط البيئى الخارجى : ويشمل المواقف والأحداث التى تحدث فى البيئة الخارجية وتسبب التوتر و القلق للفرد .
ب – الضغط الشخصى الداخلى : ويشمل المتغيرات التى تحدث داخل الفرد كمؤشر لاتجاه الفرد نحو العالم الخارجى .
3 – ويذكر " مور " More ) 1995 ) ثلاث أنواع من الضغوط هى :
أ – التوتر العادى للحياة اليومية : وينتج هذا النوع من المشاكل البسيطة أو الاحتياجات التى لم يحققها الفرد .
ب – الضغط المتطور : ويكون مستمراً مع الفرد فى مراحل الحياة المختلفة نتيجة للتغيرات فى عادات الشخص وحياته .
جـ - أزمات الحياة : وعادة ما تكون فترة قصيرة الزمن من الأمراض الخطيرة أو فقدان عزيز .
وفى ضوء ما تقدم نجد أن الضغوط نوعان هما :
1 – ضغوط تكون نابعة من افتراضات الذات : وهى ضغوط داخلية .
2 – ضغوط تكون نتيجة للمواقف : وهى ضغوط خارجية .
مصادر الضغوط :
لقد تعددت مصادر الضغوط ، فقد أشار " أسامة سيد عبد الظاهر " ( 1999 ) إلى أن مصادر الضغوط لدى الرياضيين الناشئين كالآتى :
1 – ضغوط نفسية مرتبطة بواجبات وأعمال التدريب الرياضى .
2 - ضغوط نفسية مرتبطة بالتنافس الرياضى ( قبل – أثناء – بعد ) المنافسة .
3 - ضغوط نفسية مرتبطة باتجاهات الأسرة نحو الرياضة .
4 - ضغوط نفسية مرتبطة بالجهاز الفنى والإدارى والجمهور وأعضاء الفريق ( المجال الرياضى ) .
5 – الضغوط النفسية المرتبطة بمتطلبات الناشىء ( الدراسة أثناء الوقت – متطلبات الحياة الأخرى ) .
وقد أشار " أسامة راتب " إلى تنوع مصادر الضغوط النفسية فيما يلى :
1 – بداية التدريب والمنافسة فى عمر مبكر .
2 – الارتفاع المبالغ من محمل التدريب .
3 – الإرغام الزائد بالمكسب أكثر من الاهتمام بالرياضة .
4 – الخوف من الفشل .
5 – وضع أهداف طموحة أكثر من قدرات الرياضى .
6 – عدم التوفيق بين مطالب التدريب ومطالب الحياة اليومية .
7 – ضعف العلاقة والاتصال بين المدرب واللاعب .
8 – الوعى بالنتائج السلبية ( ضغوط التدريب ) .
ويشير " كوبر ومارشال " Cooper & marshall إلى سبعة مصادر للضغوط ، ستة منها مصادر خارجية وواحد فقط مصدر داخلى .
- المصادر الخارجية هى :
1 – ضغوط تأتى من العمل .
2 – ضغوط تأتى من تنظيمات الدور .
3 – ضغوط تأتى أثناء النمو ( فى مراحل الحياة المختلفة ) .
4 – ضغوط تأتى من التنظيمات البيئية والمناخ .
5 – العلاقات الداخلية فى التنظيمات البيئية .
6 – ضغوط تنشأ من المصادر والتنظيمات العالمية .
- المصدر الداخلى :
ضغوط تأتى من مكونات الشخص للفرد .
من خلال ما تقدم نجد أن الضغوط نجد أن الضغوط تكمن مصادرها فيما يلى :
1 – مصادر بيئية خارجية : تكون موجودة فى الأسرة والعمل فيها ، العلاقة مع الزملاء ، الإصابة ، العائد المادى ، الإدارة ، المدرب ، الجمهور .
2 – مصادر داخلية : وتكون نتيجة لطبيعة الفرد وسماته الشخصية وقدرته على تحمل الضغوط والتعامل معها .
مراحل الضغط :
أشــار بعض الباحثين فى علم النفس إلى أن عملية الضغط تتكون من مراحل متعددة ومتدرجة ، وكان ذلك فى السبعيـنـات من القـرن الحــالى حـددها " مـاك جراث " Mac grath 1980 عندما حاول إيجاد تفسير لعملية الضغط وحدد لها التالى :
1 – متطلبات الهدف : وهى أهداف تعرضها البيئة الاجتماعية المحيطة بالفرد ويتطلب منها تحقيقها أو إنجازها .
2 – إدراك الفرد : يدرك الفرد الهدف المطلوب منه إنجازه فنجد أن الهدف المراد تحقيقه يزيد عن قدراته ولا يتوازن ذلك الهدف وقدراته الخاصة الراهنة .
3 – الاستجابة : تأتى بحالة من الضغط والتوتر على كاهل الفرد لأن الأداء أو النتيجة ستكون غير مرضية أو عدم تحقيق الهدف المراد إنجازه فيحدث الضغط stress .
كما أشار " مك جراث " Mac grath ) 1970 ) إلى أن عملية الضغط تمر بأربعة مراحل مختلفة مترابطة كالآتى :
1 – المطلب البيئى .
2 – إدراك المطلب البيئى .
3 – الاستجابة للضغط .
4 – النتائج السلوكية .
1 – المطلب البيئى :
فى هذه المرحلة نلاحظ أن هناك بعض أنواع المطالب واقعة على عاتق الفرد ، وتكون تلك المطالب بدنية ونفسية كما هو فى الأعمال المختلفة أو النافسات الرياضية التى تتطلب من اللاعب ضبط النفس وبذل طاقة أعلى كمثال محاولة اللاعب الظهور بالمستوى العالي أمام الجمهور المتفرجين أوالنقاد أو الإداريين .
2 – إدراك المطلب البيئى :
حيث يختلف الأفراد فيما بينهم بالنسبة لإدراك المطالب البيئية فيشعر فرد ما بأن قدراته وامكاناته تفى ما يطلب منه ، مما يشعر بالمتعة لإقناعه بإمكانية الوفاء بما هو مطلوب منه من حيث نجد فرداً أخر يؤدى نفس المطلب بالتهديد لإدراكه بعض قدراته وقله إمكانياته على الأداء الجيد .
3 – الاستجابة للضغط :
هذه المرحلة تتضمن الاستجابة البدنية والنفسية لإدراك المطلب البيئى فإذا كان هذا الإدراك مهدداً للفرد ، فإن الاستجابة تكون حالة قلق مصحوبة بمشاعر معرفية سلبية ( أى حالة قلق معرفى ) أو تكون تنشيط فسيولوجى مرتفع ( أى حالة قلق بدنى ) أو كلاهما معاً بالإضافة إلى حدوث الاستجابات الأخرى مثل زيادة التوتر العضلى و التغير فى القدرة على التركيز.
4 – النتائج السلوكية :
هذه المرحلة هى مرحلة السلوك الحقيقى أو العضلى للاعب الذى يقع عليه الضغط ، فإذا كان إدراك اللاعب للمطالب مهدداً له فقد يتأثر أداء اللاعب بصورة سلبية ، وعلى العكس من ذلك إذا كان إدراك اللاعب للمطلب الواقع على كاهله غير مهدد له فقد يؤثر ذلك على أداء اللاعب بصورة إيجابية .
أعراض الضغوط :
1 - مظاهر الضغوط النفسية :
أولاً : المظاهر الفسيولوجية :
قد يؤدى الموقف الضاغط إلى تغيرات فسيولوجية سلبية منها انخفاض الكفاءة البدنية، وازدياد ضربات القلق ، اتساع حدقة العين ، آلام المفاصل وتقلصات المعدة.
ثانياً : المظاهر النفسية ( الانفعالية ) للضغوط :
حيث يؤدى الموقف الضاغط إلى المظاهر الانفعالية منها الشعور بالعدوان والانفعالات غير السارة ، الدرجات الأولى من الأكتئاب والقلق والغضب والشعور بالضعف وعدم التحكم فى الانفعالات ومنها الجوانب( المعرفية – الانفعالية – السلوكية ).
ثالثاً : المظاهر السلوكية للضغوط :
بمعنى أن دلائل وعلاقة ردود الأفعال الفسيولوجية والانفعالية اتجاه المواقف الضاغطة عادة ما تتضح فى الاستجابات السلوكية ، منها محاولة اللاعب تجنب الهزيمة أو تجنب مصادر الضغوط منها إحجام اللاعب عن التدريب ، وعدم الاشتراك فى المنافسة ، نقص حماس اللاعب ، وارتفاع درجة التوتر والميل إلى المشاجرة والمشاحنة .
2 – تأثير الضغوط النفسية على بعض جوانب الشخصية :
أولاً : الجانب المعرفى :
يظهر تأثير الجانب النفسى على الجانب المعرفى من خلال بعض التأثيرات المعرفية ومنها : تقليل الانتباه والتركيز ويزداد اضطرا بات القدرة العقلية ، تدهور الذاكرة وقصر المدى وقلة القدرة على التنظيم والتخطيط .
ثانياً : الجانب الانفعالى :
يزداد التوتر الفسيولوجى النفسى بازدياد معدل الشك والوساوس وتحدث تغيرات ، وتحدث تغيرات فى سمات الشخصية ، ويظهر الاكتئاب وينخفض الإحساس بتأكيد الذات بشكل حاد .
ثالثاً : الجانب السلوكى :
يحدث زيادة فى مشكلات الكلام ويحدث نقص فى الميل والحماس ، ويزداد الميل لإلقاء اللوم على الآخرين وكذلك يزداد التغيب عن العمل ، ويزداد استخدام العقاقير .
وقد أشار بعض الباحثين أن مع استمرار المصادر المسببة للضيق تظهر أعراض الضغوط ويجب ملاحظة أن تلك الأعراض لا تظهر جميعها فى وقت واحد ، وكذلك ولا على جميع الأشخاص بدرجة واحدة ، فلكل شخص إمكانياته الخاصة لإدراك الضغط ، وفيما يلى تصنيف لأعراض الضغوط المختلفة بإيجاز .
* الأعراض الجسدية ( البدنية ) منها ما يلى :
- العرق الزائد - عسر الهضم - التوتر العالى - القرحة - الصداع - التغير فى الشهية - الإمساك .
* الأعراض العاطفية منها ما يلى :
- سرعة الانفعال - الاكتئاب - تقلب المزاج - سرعة البكاء - العصبية - الإحساس بالقلق - سرعة الغضب - المخاوف - الكوابيس
* الأعراض الفكرية أو الذهنية منها ما يلى :
- النسيان - الصعوبة فى اتخاذ القرارات - تزايد عدد الأخطاء - إصدار أحكام غير صائبة.
* الأعراض الخاصة بالعلاقات الشخصية منها ما يلى :
- عدم الثقة غير المبررة بالآخرين . - لوم الآخرين . - تجاهل الآخرين . - تبنى سلوك واتجاه دفاعى فى العلاقات مع الآخرين .